لتوضيح مفهوم الهوية الثقافية سنتناول المفاهيم الاتية:
مفهوم الهوية :- أن الهوية هي كل ما يشخص الذات ويميزها ،فالهوية في الأساس تعني التفرد، والهويه هي السمة الجوهرية العامة لثقافة من الثقافات ،والهوية ليست منظومة جاهزة ونهائية ،وانما هي مشروع مفتوح على المستقبل ،أي أنها مشروع متشابك مع الواقع والتاريخ، لذلك فان الوظيفة التلقائية للهوية هي حماية الذات الفردية والجماعية من عوامل التعرية والذوبان،آن هذا التصور الوظيفي لمفهوم الهوية يجعلنا تمييز بين تأويلين لمعنى الهوية:ـ
أ- التصور الستاتيكي أو الماهوي للهوية ،الذي يرى آن الهوية،عبارة عن شيء اكتمل وانتهى وتحقق في الماضي،فيفي فترة زمنية معينة ، آو نموذج اجتماعي معين وان الحاضر ما هو آلا محاولة أدراك هذا المثال وتحقيقه
ب - التصور التاريخي والديناميكي للهوية الذي يرى أن الهوية شيء يتم اكتسابه و تعديله باستمرار ، وليس أبدا ماهية ثابتة ، أي آن الهوية قابل للتحول و التطور ، وذلك لأن تاريخ أي شعب هو تاريخ متجدد ومليء بالأحداث والتجارب ، فأن الهوية الأصلية تتغير باستمرار ، وتكتسب سمات جديدة ، وتلفظ أخرى وهذا يعني أن الهوية شيء ديناميكي و هو سلسلة عمليات متتابعة كما أنها تتحول مع الزمن فهي ديناميكية ، وهي ترتبط بالأثر الذي تتركه الحضارة عبر التاريخ ، ويمكن النظر الى الهوية في صورتها الديناميكية على أنها مجموعة من المقررات الجماعية آلتي يتبناها مجتمع ما ، في زمن محدد للتعبير عن القيم الجوهرية ( العقائدية ) و الاجتماعية والجمالية والاقتصادية والتكنولوجية والتي تشكل في مجموعها صورة متكاملة تتغير عن ثقافة هذا المجتمع وأي تهديد لكل أو أحد هذه القيم ، يجابهه سخط الدفاع العفوي آو المقاومة الثقافية، الذي يعمل حافظا لهذه القيم، من التصدع والانهيار، آو التلاشي .ويتولى خط الدفاع مهمة تكييف العناصر المهددة لنواة الثقافة، وتكييف بعض العناصر المشكلة لنواة الثقافة بما يضمن حفظ جوهرها لتشكيل الصورة الاجتماعية للهوية المرغوب فيها.
مفهوم الثقافة :- للثقافة مفاهيم متعددة من أبرزها
أ- الثقافة بالمعنى التقليدي تعني عملية الإنتاج الأدبي والفكري والفني
ب - الثقافة بالمعنى الأنثروبولوجي تعني أنماط السلوك المادية و المعنوية السائدة في مجتمع من المجتمعات والتي تميزه عن سواه
ج - الثقافة اليوم اتسع معناها فأخذت تشمل مجموعة النشاطات والمشروعات والقيم المشتركة التي تكون الأساس للرغبة في الحياة المشتركة لدى أمة من الأمم ، والتي ينبثق منها تراث مشترك من الصلات المادية و الروحية الذي يغتني عبر الزمن ، ويغدو الذاكرة الفردية و الجماعية التي تبنى على أساسها مشاعر الانتماء و التضامن والمصير الواحد.
د- الثقافة والحضارة هذان المفهومان يكادان يندمجان مع بعضهما بعد أن اتسع معنى الثقافة ،وغدت الحضارة هي الثقافة بالمعنى الواسع للكلمة ، أوان الحضارة هي نتاج الثقافة وغدا كلا اللفظين يضمان القيم والمعايير والمؤسسات وأنماط التفكير في مجتمع ما أو أمة معينة وبالتالي فان الحضارة هي نتاج عملية الإبداع الذي قدمه شعب معين والحضارة تبقى أو تستمر ،فهي ديناميكية، ولكن درجة استمرارها مرهونة بدرجة استجابتها للتحديات كما يقول توينبي.
هـ - و يميز البعض بين العناصر الآتية للثقافة
ـ الثقافة كنسق اجتماعي عناصره هي القيم والمعتقدات والمعارف والفنون والعادات والممارسات
الاجتماعية و الأنماط المعيشية.
ـ الثقافة بوصفها انتماء يعبر عن التراث والهوية والحمية القومية ،وطابع الحياة اليومية للجماعة
الثقافية
ـ الثقافة بوصفها تواصلا من خلال نقل أنماط العلاقات والمعاني والخبرات بين الأجيال ،
وهو التعريف الذي تدعم بفعل ثورة المعلومات والاتصالات
ـ الثقافة بوصفها دافع للابتكار ،والإبداع والنضال ضد القهر ،والتصدي لصنوف الظلم
مفهوم الهوية الثقافية
أن الهوية الثقافية كيان يصير ويتطور ،وليس معطى جاهز ونهائي،فهي تصير وتتطور آما في اتجاه الانكماش ، آو في اتجاه الانتشار ،وهي تغتني بتجارب أهلها ومعاناتهم ،انتصاراتهم وتطلعاتهم ،وأيضا باحتكاكها سلب وإيجاب مع الهويات الثقافية الأخرى، التي تدخل معها في تغاير من نوع ما . وعلى العموم تتحرك الهوية الثقافية في ثلاث دوائر متداخلة ذات مركز واحد،وكما يأتي :-
أ- الفرد داخل الجماعة الواحدة ، هو عبارة عن هوية متميزة ومستقلة عبارة عن أنالها آخر داخل الجماعة نفسها .أنا تضع نفسها في مركز الدائرة عندما تكون في مواجهة مع هذا النوع من الآخر القبيلة ،المذهب والطائفة أو الديانة ،التنظيم السياسي أو الجماعي
ب- الجماعات داخل الأمة ،هم كالأفراد داخل الجماعة ، لكل منها ما يميزها داخل الهوية الثقافية المشتركة ،لكل منها أنا خاصة بها و آخر من خلال وعبرة على نفسها بوصفها ليست إياه. ج- الشيء نفسه يقال بالنسبة إلى الأمة الواحدة إزاء الأمم الأخرى غير أنها أكثر تجريدا، وأوسع نطاقا، وأكثر قابلية على التعدد والتنوع والاختلاف